تحليل إخباري: إسرائيل تكثف تدريباتها العسكرية وطهران تحذر 

في تطور لافت يعكس تصاعد التوتر الإقليمي، كشفت تقارير استخباراتية، أبرزها ما نشرته شبكة CNN، عن استعدادات إسرائيلية متقدمة لاحتمال شنّ هجوم على منشآت نووية داخل الأراضي الإيرانية. وتزامن ذلك مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي تمريناً عسكرياً واسع النطاق هذا الأسبوع، حمل اسم "برق تمير"، في إشارة واضحة إلى رفع درجة التأهب العسكري والاستعداد لحرب متعددة الجبهات.

الجيش الإسرائيلي أعلن، في بيان رسمي مساء الجمعة، عن اختتام التمرين الذي شاركت فيه وحدات من مختلف الأذرع العسكرية والمدنية، مركّزًا على محاكاة سيناريوهات طوارئ تشمل استهداف الجبهة الداخلية، وضمان استمرارية الأداء العملياتي والخدماتي في ظل هجمات محتملة على مراكز حيوية. وصرّح متحدث باسم الجيش بأن "التمرين يهدف إلى اختبار الجاهزية في مواجهة تهديدات متنوعة، من بينها هجمات صاروخية من إيران أو منظمات موالية لها في المنطقة، كحزب الله في لبنان أو حماس في غزة".

هذا التصعيد جاء في وقت حساس تشهده العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، على خلفية الجمود الحاصل في المحادثات النووية. وتخوض طهران وواشنطن جولة خامسة من المفاوضات غير المباشرة في سلطنة عمان، وسط تبادل للاتهامات والتشكيك في النوايا. وقال وزير الخارجية العماني، الذي يرعى الوساطة بين الطرفين، إن المحادثات "تشهد بعض التقدم"، لكن وفد إيران وصف الجولة بأنها "معقدة"، مشيراً إلى أن إيران جاءت لتفهم الطرح الأمريكي، دون أن تكون لديها توقعات كبيرة بإحراز تقدم ملموس.

في هذا السياق، حذّر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، من أن بلاده "لن تقف مكتوفة الأيدي" في حال تعرضت منشآتها النووية لأي اعتداء. وقال في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الإيرانية: "نحتفظ بحقنا الكامل في الرد، وسنتخذ إجراءات خاصة لحماية منشآتنا"، مضيفاً أن "الولايات المتحدة ستكون مسؤولة قانونياً وسياسياً عن أي هجوم إسرائيلي، كونها الراعية والحليفة الأساسية لتل أبيب".

في المقابل، أبدى المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، تشاؤماً حيال المحادثات النووية مع الغرب، قائلاً: "لا أحد في إيران ينتظر موافقة أمريكية على تخصيب اليورانيوم... لن نقبل بإملاءات من الولايات المتحدة وأوروبا". وأضاف في خطاب ألقاه أمام حشد من طلاب الجامعات في طهران: "الغرب يريد سلاحاً نووياً بيد إسرائيل، ويمنعه عن إيران، رغم أننا التزمنا طوال السنوات الماضية بمعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية".

من جهتها، ترفض إسرائيل فكرة امتلاك إيران لقدرات نووية، وتعتبر ذلك تهديداً وجودياً مباشراً، وتدعو المجتمع الدولي إلى التحرك قبل "فوات الأوان". وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أعلن في أكثر من مناسبة أن بلاده "لن تنتظر حتى تتحول التهديدات إلى واقع"، في إشارة إلى إمكانية التحرك العسكري بشكل منفرد، دون تنسيق مع واشنطن أو غيرها من العواصم الغربية.

يرى المحللون أن المشهد بات مفتوحاً على كافة الاحتمالات، وأن أي تصعيد بين الطرفين قد يتحول بسرعة إلى مواجهة إقليمية شاملة، خاصة في ظل ما وصفه البعض بـ"التحضيرات المتسارعة" من الجانبين، عسكرياً ودبلوماسياً.

في الوقت الراهن، تترقب العواصم العالمية تطورات الموقف بحذر بالغ، فيما ترتفع أصوات داخل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تطالب بضبط النفس وتجنب الانزلاق نحو مواجهة مفتوحة في منطقة لا تحتمل المزيد من التصعيد.