السيكولوجيا السياسية لدونالد #ترامب: بين النرجسية والسلطوية والكاريزما الشعبوية"

يمثل دونالد ترامب نموذجًا معقدًا من الناحية السيكولوجية، إذ تكشف مواقفه وسلوكياته عن ملامح شخصية مفعمة بالتناقضات ومشحونة بالسمات النرجسية والسلطوية في آن معًا. يظهر في سلوك ترامب تعطش دائم للثناء والاهتمام، يتجلى في سعيه المستمر للظهور الإعلامي وتأكيد تفوقه على الآخرين، سواء في عالم الأعمال أو السياسة. يعكس أسلوبه الخطابي تمركزًا شديدًا حول الذات، إذ يربط نجاح أي مشروع أو سياسة بوجوده، ويتعامل مع خصومه بأسلوب هجومي ساخر لا يخلو من التحقير، مما يدل على حساسية مفرطة للنقد، وردود فعل دفاعية تتجسد في الإنكار أو الإسقاط أو تبني دور الضحية.

تطغى على شخصيته سمات سلطوية بارزة، إذ يميل إلى التفكير الثنائي الذي يقسم العالم بين مؤيدين وأعداء، ويُظهر انزعاجًا من مؤسسات الرقابة والديمقراطية التقليدية عندما تقف في طريقه. هذه النزعة تجعله يتعامل مع معارضيه لا كخصوم سياسيين بل كأعداء شخصيين، وهو ما يعزز مناخًا من الانقسام الاجتماعي والسياسي الحاد. ومع ذلك، فإن خطابه يتمتع بجاذبية عاطفية قوية لدى شريحة من الجمهور، حيث يستخدم ببراعة لغة شعبوية بسيطة، ترتكز على المخاوف والهويات، ما يمنحه تأثيرًا مباشرًا على المستمعين.

يسيطر على أدائه العام ميل واضح للدراما، مع استعراض دائم للثقة المفرطة، حتى في مواقف الفشل أو التراجع، وهو ما قد يعكس آليات دفاعية تهدف إلى حماية صورة الذات المتضخمة. وفي الوقت ذاته، يُظهر تجاهلًا أو استخفافًا بالحقائق غير الملائمة لروايته، ويلجأ إلى التكرار والشعارات كوسائل إقناع، في إطار تواصل عاطفي أكثر منه منطقي. من منظور علم النفس السياسي، فإن شخصية ترامب تقدم نموذجًا لصعود الزعيم الذي لا يعتمد على المؤسسات أو التقاليد، بل على قوة الكاريزما الفردية وتغذية الانفعالات الجماهيرية، وهو ما يشكل ظاهرة تستحق التأمل والتحليل في زمن ما بعد الحقيقة.