شاهد وآرش مسيرتان تثيران اهتمام العسكريين

المسيّرات الإيرانية من طراز "شاهد" و"آرش" أصبحت من أبرز أدوات الحرب الجديدة، وأحد الأعمدة الأساسية في ترسانة طهران الهجومية، نظراً لتكلفتها المنخفضة، وقدرتها التدميرية، وصعوبة التصدي لها، خاصة في حال إطلاقها بأعداد كبيرة ومتزامنة. هذه الطائرات بلا طيار لم تعد مجرد سلاح تقليدي، بل تحوّلت إلى عنصر استراتيجي في الصراعات الإقليمية، ووسيلة فعالة لإرباك الخصم واستنزاف دفاعاته الجوية.

المسيّرة "شاهد-136"، على سبيل المثال، تُعتبر من أكثر المسيرات الإيرانية استخداماً في المعارك الأخيرة. هي مسيّرة انتحارية تحمل رأساً حربياً وتعمل بتقنية "الذهاب بلا عودة"، إذ تنفجر عند وصولها إلى الهدف. تملك مدى يتجاوز 2000 كيلومتر، وتستطيع التحليق على ارتفاعات منخفضة لتفادي الرادارات. ورغم أنها بطيئة نسبياً وسهلة الاستهداف نظرياً، إلا أن استخدامها بأعداد ضخمة يجعل من الصعب على أنظمة الدفاع الجوي إسقاطها جميعاً، ما يتيح لها تحقيق اختراقات مؤثرة في العمق العسكري أو المدني للعدو.

أما "آرش"، فتتميّز بأنها مسيّرة انتحارية أكثر تطوراً من حيث القوة التدميرية، وتُستخدم خصيصاً لاستهداف مواقع محددة بدقة، مثل مراكز القيادة، أو محطات الرادار، أو حتى البنى التحتية الحيوية. يعتقد أن "آرش-2" تحديداً مصممة لمهاجمة أهداف بعيدة بفعالية، وهي تحمل شحنة متفجرة كبيرة نسبياً، ما يجعلها مناسبة لضرب الأهداف المحصّنة. وقد أشارت تقارير عسكرية إلى أنها قادرة على التحليق لمسافات طويلة والبقاء في الجو لفترات ممتدة قبل الانقضاض على الهدف.

من أبرز ميزات هذه المسيّرات أنها رخيصة نسبياً، ما يسمح باستخدامها بأعداد كبيرة دون التأثير بشكل كبير على الميزانية العسكرية. كما أنها سهلة الإنتاج والتطوير، ويمكن تهريبها أو تصنيعها محلياً في دول حليفة لإيران، مما يعزز قدرة طهران على توسيع نفوذها دون تدخل مباشر. هذه الطائرات تستخدم في الحرب المباشرة كما في الحروب بالوكالة، وقد ظهرت في ميادين متعددة من أوكرانيا إلى اليمن وسوريا والعراق.

رغم فعاليتها، إلا أن المسيّرات من طراز "شاهد" و"آرش" لا تخلو من نقاط ضعف، فهي تعتمد على أنظمة ملاحية قد تُربكها الحرب الإلكترونية، كما أن كثافة إطلاقها يمكن أن تتحول إلى دليل واضح على مصدر الهجوم، ما يضعف من عنصر الإنكار الذي تعتمد عليه إيران في كثير من عملياتها.

لكن يبقى من المؤكد أن هذه المسيّرات غيّرت قواعد اللعبة، وأعادت تشكيل موازين القوى في المنطقة، وجعلت من السماء ميداناً مفتوحاً لحرب تدار عن بعد، لا تحتاج إلى طيار، بل إلى توقيت دقيق وإشارة انطلاق واحدة فقط.