إسرائيل على حافة الانفجار السياسي: الحريديم يهددون، الأسرى يضغطون، ونتنياهو يقاتل من أجل البقاء

 من المقرّر أن تُعقد الانتخابات البرلمانية المقبلة في إسرائيل، في موعد أقصاه 27 أكتوبر 2026  لكن المشهد السياسي الحالي ليس بانسجامٍ مطلقٍ مع هذا التوقيت. إذ يلوح احتمال إجراء انتخابات مبكّرة إذا حُلّت الكنيست بسبب الأزمة الحكومية المستمرة، خاصة في ظل تصاعد النزاع داخل الائتلاف الحاكم.

في قلب الأزمة تكمن أطراف الحريديم، أي الحركات الأرثوذكسية المتشدّدة (يوتحد، شاس)، التي تشكّل رافعة أساسية لحكومة نتنياهو. الخطاب الدائر حالياً يتعلّق بجوهر القضية: الإعفاء من الخدمة العسكرية لشباب الحريديم، حيث أُلغى دستورياً منذ عام 2017 هذا الإعفاء، لكن لم يتم تعويضه بقانون بديل . وقد هدّد الطرفان بالانسحاب ودعم حلّ الكنيست في حال عدم تدارك الأمر سريعاً؛ ما يفاقم زلزالاً حكومياً يوشك أن يطيح بالحكومة.

من جانب المعارضة، يقود يائير لابيد (يش عتيد) ومجموعته تحركاً لتقديم اقتراح بحلّ الكنيست، سعياً لفرض انتخابات مبكّرة، على وقع تراجع الثقة بقدرة الائتلاف على الاستمرار . إن وافقت الحريديم على بكّرة القلوع قد يؤدي ذلك لفكّ التحالف الحاكم، ما يدعو بوضوح نحو انتخابات جديدة غالباً ما ستكون داخلياً في أوائل 2026 وربما حتى قبل ذلك إذا تعالت الأصوات.

أما عن قضية الأسرى، فثمة ضغط شعبي وسياسي متزايد للإفراج عنهم، في ظل مفاوضات مستمرة برعاية دولية. الحكومة تواجه معضلة، بين التزامها بعملية تبادل الأسرى وبين تحصين موقفها السياسي تجاه العرب الإسرائيليين والفلسطينيين، مما يصب في خانة توتر العلاقات الداخلية والخارجية على السواء.

الحديث عن توقع فوز نتنياهو بحصول حزبه الليكود على 55 مقعداً يجري تداوله بشكل متذبذب. رغم أن استطلاعات رأي متفائلة تشير إلى إمكانية حصول الليكود على نحو 60 مقعداً ، فإنّ المعطيات الحالية تُظهر أن فرصه أقرب إلى رقم مقارب، لكن القاسم الأهم هو ما إذا استطاع تحالف الأحزاب الدينية والمتطرّفة الحفاظ على تماسكه لتكوين أغلبية مستقرّة في الكنيست.

في المحصلة، تدور عجلة السياسة الإسرائيلية في دائرة من التحديات: هزّة داخلية عند الحريديم، ضغوط متصاعدة بشأن ملف الأسرى، واستعدادات لانتخابات قد تُقام قبل انتهائها الدستوري البنيوي. جميع هذه العناصر تجعل من الصعب التكهن بنتائج الليكود ونتنياهو بدقة، لكنها تؤكد أن البلاد تسير نحو انتخابات مبكّرة قبل نهاية 2026، ربما حتى خلال أولى أشهر 2026، مالم يُبرم تسوية عاجلة بين الحكومة وأحزاب الائتلاف التي تكاد تكون شقيقة.

ويظل السؤال: هل سينجح نتنياهو بسرعة في تمرير تشريع الإعفاء للحريديم وتخفيف حدة الأزمة الداخلية والحفاظ على الأغلبية، أم ستشهد إسرائيل انتخابات جديدة تحمل معها تغييرات جوهرية في تركيبة الحكم؟ الحال السياسي اليوم يبدو أقرب إلى التمزّق منه إلى الاستقرار، والعامان 2025–2026 قد يحملان مفاجآت حقيقية لا يمكن استبعادها.