نشيدُ الحربِ والسّلم/ سامي مهنا

 

في الأرضِ،

حيثُ السّنابلُ تنحني للرّياحِ،

وحيثُ الغيومُ تُحدّثُ عن هدنةِ الضّوءِ

فوقَ الجراحْ،

هناكَ ارتجفتْ يدُ طفلٍ

وكانتْ رمادًا،

وكانتْ قصيدةَ حربٍ

تُسطّرُها المدافعُ

في وجْهِ صبحٍ حزينْ.

 

على ساحةِ الحربِ

كانَ الجنودُ

يطاردُهم ظلُّ موتٍ

تفجَّرَ في مقلةِ الأرضِ،

لم يفهموا لِمَ كانوا

حجارةَ هذا الجدارِ الّذي يتهاوى؟

ولا لِمَ صارتْ أجسادُهم

عُلَبًا فارغاتٍ

تدوّي كأشباحِ ريحٍ

على طرقاتِ الدّمارْ؟

 

ولكنْ...

حينَ سكنتْ البنادقُ،

وحينَ انسحبْوا إلى قريةٍ

لم تُصبْها القذائفُ،

رأوا الحياةَ الّتي لم تمتْ،

رأوا فتاةً تُغنّي

كأنَّ الجراحَ

غبارٌ يزولُ من الرّوحِ

حينَ يُعانقُها الحبُّ.

 

سلامٌ،

ولكنْ على أيِّ أرضٍ؟

وهل يستعيدُ الّذي ماتَ

بعضَ ملامحِه؟

وهلْ يرجعُ القلبُ

بعدَ ارتجاجِ الجنودِ

إلى دقّاتِ الأملِ القديمْ؟

 

رأيتُ الجنودَ يعودونَ،

لكنَّ وجوهَ الضّحايا لم تَعُدْ،

وكانتْ عيونُ الّذين نجوا

مثلَ أبوابِ دورٍ تهدَّمْت

 

أمّا الحربُ،

فهي الّتي لا تموتُ،

وإن نامتِ الآنَ،

عادتْ غدًا في ضجيجِ المدافعِ

مثلَ احتراقِ المجازِ

على شفةِ الشّاعرِ

مثلَ ارتعاشِ الحقيقةِ

في قبضةِ الخائفينْ.

 

ويا أيُّها السِّلمُ،

إن جئتَ يومًا،

فكُنْ خِلسةً،

كزيارةِ طيفٍ لروحٍ

تُردّدُ أنَّ السّماءَ

ستبقى رمادًا

إذا لم نُضئها

بقبسِ العدلِ

إن عادَ هذا الصّراعْ

حينَ تُزهِرُ الأحلام