وللمصدر موقف: الواقع السياسي العربي، غيوم تملأ السماء… والمطر لا يهطل

رغم مرور سنوات على التحولات الكبرى في المنطقة العربية، لا يزال الواقع السياسي يراوح مكانه، وكأن شيئًا لم يتغير سوى الشعارات. فالأنظمة ترفع راية الإصلاح، وتعد بتغييرات هيكلية، لكن الخطاب غالبًا ما يبقى في إطار الاستهلاك الإعلامي، دون نتائج ملموسة.

الشارع العربي، الذي خرج ذات يوم مطالبًا بالحرية والكرامة، بات اليوم أكثر حذرًا ويأسًا. ثقة المواطن في الطبقة السياسية تراجعت إلى أدنى مستوياتها، والمعارضة التي يُفترض أن تلعب دور الرقيب والمحاسب، تبدو منقسمة، هشّة، أو مدجنة.

في مشهد يذكرنا بالمثل الشعبي "لو بدها تشتي كان غيّمت"، تتلبّد الأجواء السياسية، وتزدحم بالغيوم، لكن دون أي أمطار. الوعود تُطلق، والبرامج تُعرض، لكن التنفيذ غائب، والمساءلة شبه معدومة. وكأن الجميع بانتظار مطر لا يأتي، أو أنه لا يُراد له أن يأتي.

الربيع العربي كان بارقة أمل في بداية العقد الماضي، لكنه تحوّل في بعض الدول إلى فصول من الفوضى، وفي أخرى إلى عودة أقسى لأدوات القمع السياسي. أما الديمقراطية، فظلت حبرًا على ورق في الدساتير، دون أن تجد طريقها إلى صناديق الاقتراع النزيهة أو المؤسسات المستقلة.

في هذا السياق، تبقى الأسئلة مفتوحة: من يملك القرار؟ ومن يصنع الغيم؟ وهل فعلاً يريد أصحاب السلطة أن تمطر السماء إصلاحًا وتغييرًا؟ أم أن الغيوم مجرد مشهد رمزي يضمن استمرار اللعبة دون حدوث التحول الحقيقي؟

الواقع السياسي العربي يمر بمرحلة حرجة، تتطلب قراءة جديدة وشجاعة في الطرح والمحاسبة. لأن المطر الحقيقي لا يُنتظر من السماء فقط، بل يُصنع أيضًا بإرادة الشعوب ونضج القيادات.